فصل: تفسير الآيات (1- 3):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معالم التنزيل المشهور بـ «تفسير البغوي»



.تفسير الآيات (27-29):

{وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28) إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29)}
{وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} شرب ينصبُّ عليهم من علو في غرفهم ومنازلهم، وقيل: يجري في الهواء متسنما فينصبّ في أواني أهل الجنة على قدر ملئها، فإذا امتلأت أمسك. وهذا معنى قول قتادة.
وأصل كلمة من العلو، يقال للشيء المرتفع: سنام، ومنه: سنام البعير. قال الضحاك: هو شرار اسمه تسنيم، وهو أشرف الشراب.
قال ابن مسعود وابن عباس: هو خالص للمؤمنين المقربين يشربونها صرفا ويمزج لسائر أهل الجنة. وهو قوله: {ومزاجه من تسنيم عينا يشرب بها المقربون}.
وروى يوسف بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قوله: {من تسنيم}؟ قال: هذا مما قال الله تعالى: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} [السجدة- 17].
{عَيْنًا} نصب على الحال {يشرب بها} أي منها وقيل: يشرب بها المقربون صرفًا. قوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} أشركوا، يعني كفار قريش: أبا جهل، والوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، وأصحابهم من مترفي مكة {كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} عمار، وخباب، وصهيب، وبلال، وأصحابهم من فقراء المؤمنين. {يَضْحَكُونَ} وبهم يستهزؤن.

.تفسير الآيات (30- 35):

{وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34)عَلَى الأرَائِكِ يَنْظُرُونَ (35)}
{وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ} يعني من فقراء المؤمنين بالكفار {يَتَغَامَزُونَ} والغمز الإشارة بالجفن والحاجب، أي يشيرون إليهم بالأعين استهزاء.
{وَإِذَا انْقَلَبُوا} يعني الكفار {إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ} معجبين بما هم فيه يتفكهون بذكرهم.
{وَإِذَا رَأَوْهُمْ} رأوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم {قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ} يأتون محمدًا صلى الله عليه وسلم يرون أنهم على شيء.
{وَمَا أُرْسِلُوا} يعني المشركين {عَلَيْهِمْ} يعني على المؤمنين {حَافِظِينَ} أعمالهم، أي لم يوكلوا بحفظ أعمالهم.
{فَالْيَوْم} يعني في الآخرة {الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} قال أبو صالح: وذلك أنه يفتح للكفار في النار أبوابها، ويقال لهم: اخرجوا، فإذا رأوها مفتوحة أقبلوا إليها ليخرجوا، والمؤمنون ينظرون إليهم فإذا انتهوا إلى أبوابها غلقت دونهم، يفعل ذلك بهم مرارًا والمؤمنون يضحكون.
وقال كعب: بين الجنة والنار كُوَى، فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدوٍ له، كان في الدنيا، اطلع عليه من تلك الكوى، كما قال: {فاطلع فرآه في سواء الجحيم} [الصافات- 55] فإذا اطلعوا من الجنة إلى أعدائهم وهم يعذبون في النار ضحكوا، فذلك قوله عز وجل: {فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون} {عَلَى الأرَائِكِ} من الدر والياقوت {يَنْظُرُونَ} إليهم في النار.

.تفسير الآية رقم (36):

{هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)}
قال الله تعالى: {هَلْ ثُوِّبَ} هل جوزي {الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} أي جزاء استهزائهم بالمؤمنين. ومعنى الاستفهام هاهنا: التقرير. وثوب وأثيب وأثاب بمعنى واحد.

.سورة الانشقاق:

مكية.

.تفسير الآيات (1- 5):

{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الأرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5)}
{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} انشقاقها من علامات القيامة.
{وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا} أي سمعت أمر ربها بالانشقاق وأطاعته، من الأذن وهو الاستماع، {وَحُقَّتْ} أي وحق لها أن تطيع ربها.
{وَإِذَا الأرْضُ مُدَّتْ} مد الأديم العكاظي، وزيد في سعتها. وقال مقاتل: سويت كمد الأديم، فلا يبقى فيها بناء ولا جبل.
{وَأَلْقَتْ} أخرجت {مَا فِيهَا} من الموتى والكنوز {وَتَخَلَّتْ} خلت منها.
{وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} واختلفوا في جواب إذا قيل: جوابه محذوف تقديره: إذا كانت هذه الأشياء يرى الإنسان الثواب والعقاب.
وقيل جوابه: {يا أيها الإنسان إنك كادح} ومجازه: إذا السماء انشقت لقي كل كادح ما عمله.
وقيل: جوابه: {وأذنت} وحينئذ تكون الواو زائدة.

.تفسير الآيات (6- 12):

{يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ (6) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَى سَعِيرًا (12)}
ومعنى قوله: {كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا} أي ساعٍ إليه في عملك، والكدح: عمل الإنسان وجهده في الأمر من الخير والشر حتى يكدح ذلك فيه، أي يؤثر. وقال قتادة والكلبي والضحاك: عامل لربك عملا {فَمُلاقِيهِ} أي ملاقي جزاء عملك خيرًا كان أو شرًا.
{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ} ديوان أعماله {بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا نافع، عن ابن عمر، حدثني ابن أبي مليكة أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حُوسب عُذّب» قالت عائشة رضي الله عنها فقلت: يا رسول الله أو ليس يقول الله عز وجل: {فسوف يحاسب حسابا يسيرا}؟ قالت: فقال: «إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش في الحساب هلك».
{وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ} يعني في الجنة من الحور العين والآدميات {مَسْرُورًا}1 بما أوتي من الخير والكرامة.
{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ} فتغلُّ يده اليمنى إلى عنقه وتجعل يده الشمال وراء ظهره، فيؤتى كتابه بشماله من وراء ظهره. وقال مجاهد: تخلع يده اليسرى من وراء ظهره.
{فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا} ينادي بالويل والهلاك إذا قرأ كتابه يقول: يا ويلاه يا ثبوراه، كقوله تعالى: {دعوا هنالك ثبورا} [الفرقان- 13].
{وَيَصْلَى سَعِيرًا} قرأ أبو جعفر، وأهل البصرة، وعاصم، وحمزة: {ويصلى} بفتح الياء خفيفا كقوله: {يصلى النار الكبرى} [الأعلى- 12] وقرأ الآخرون بضم الياء وفتح الصاد وتشديد اللام كقوله: {وتصلية جحيم} [الواقعة- 94] {ثم الجحيم صلوه} [الحاقة- 31].

.تفسير الآيات (13- 19):

{إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (13) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14) بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (15) فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19)}
{إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا} يعني في الدنيا، باتباع هواه وركوب شهوته.
{إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} أن لن يرجع إلينا ولن يبعث ثم قال: {بَلَى} {بَلَى} أي: ليس كما ظن، بل يحور إلينا ويبعث {إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا} من يوم خلقه إلى أن بعثه.
قوله عز وجل: {فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ} قال مجاهد: هو النهار كله. وقال عكرمة: ما بقي من النهار. وقال ابن عباس وأكثر المفسرين: هو الحمرة التي تبقى في الأفق بعد غروب الشمس. وقال قوم: هو البياض الذي يعقب تلك الحمرة.
{وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} أي جمع وضمَّ، يقال: وسقته أسقه وسقا، أي: جمعته، واستوسقت الإبل: إذا اجتمعت وانضمت. والمعنى: والليل وما جمع وضم ما كان بالنهار منتشرًا من الدواب، وذلك أن الليل إذا أقبل أوى كل شيء إلى مأواه. روى منصور عن مجاهد قال: ما لف وأظلم عليه. وقال مقاتل بن حيان: أقبل من ظلمة أو كوكب. وقال سعيد بن جبير. وما عمل فيه. {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ} اجتمع واستوى وتم نوره وهو في الأيام البيض. وقال قتادة: استدار، وهو افتعل من الوَسْق الذي هو الجمع.
{لَتَرْكَبُن} قرأ أهل مكة وحمزة والكسائي: {لتركَبَنَّ} بفتح الباء يعني لتركبن يا محمد {طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} قال الشعبي ومجاهد: سماء بعد سماء. قال الكلبي: يعني تصعد فيها. ويجوز أن يكون درجة بعد درجة ورتبة بعد رتبة في القرب من الله تعالى والرفعة.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا سعيد بن النضر، أخبرنا هشيم، أخبرنا أبو بشر عن مجاهد قال قال ابن عباس: {لتركبن طبقا عن طبق} حالا بعد حال، قال هذا نبيكم صلى الله عليه وسلم.
وقيل: أراد به السماء تتغير لونًا بعد لون، فتصير تارة كالدهان وتارة كالمهل، وتنشق بالغمام مرة وتطوى أخرى. وقرأ الآخرون بضم الباء، لأن المعنى بالناس أشبه، لأنه ذكر من قبل: {فأما من أوتي كتابه بيمينه} {وشماله} وذكر من بعد: {فما لهم لا يؤمنون} وأراد: لتركبُنَّ حالا بعد حال، وأمرًا بعد أمر في موقف القيامة، يعني: الأحوال تنقلب بهم، فيصيرون في الآخرة على غير الحال التي كانوا عليها في الدنيا. و{عن} بمعنى بعد.
وقال مقاتل: يعني الموت ثم الحياة ثم الموت ثم الحياة.
وقال عطاء: مرة فقيرًا ومرة غنيًا. وقال عمرو بن دينار عن ابن عباس: يعني الشدائد وأهوال الموت، ثم البعث ثم العرض. وقال عكرمة: حالا بعد حالً، رضيع ثم فطيم ثم غلام ثم شاب ثم شيخ. وقال أبو عبيدة: لتركبن سنن من كان قبلكم وأحوالهم.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا محمد بن عبد العزيز، أخبرنا أبو عمرو الصنعاني من اليمن عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا شبرًا وذراعًا ذراعًا، حتى لو دخلوا جُحْرَ ضَبِّ لتبعتموهم» قلنا: يا رسول الله آليهود والنصارى؟ قال: «فَمَنْ؟».

.تفسير الآيات (20- 21):

{فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ (21)}
قوله عز وجل: {فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} استفهام إنكار.
{وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} قال الكلبي ومقاتل: لا يصلُّون.
أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي، أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي، حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا أبو عيسى الترمذي، حدثنا قتيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن عطاء بن مينا عن أبي هريرة قال: سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في {اقرأ باسم ربك} {وإذا السماء انشقت}.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا مسدد، أخبرنا معمر قال: سمعت أبي قال حدثني بكر، عن أبي رافع قال: صليت مع أبي هريرة العتمة فقرأ إذا السماء انشقت، فسجد فقلت: ما هذا؟ قال: سجدت بها خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم فلا أزال أسجد فيها حتى ألقاه.

.تفسير الآيات (22- 25):

{بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24) إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25)}
{بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ} بالقرآن والبعث.
{وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ} في صدورهم من التكذيب. قال مجاهد: يكتمون. {فَبَشِرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} غير مقطوع ولا منقوص.

.سورة البروج:

مكية.

.تفسير الآيات (1- 3):

{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3)}
{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ} هو يوم القيامة. {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان، أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني، حدثنا حميد بن زنجويه، حدثنا عبد الله بن موسى بن عبيدة، عن أيوب بن خالد، عن عبد الله بن رافع، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اليوم الموعود يوم القيامة، والمشهود يوم عرفة، والشاهد يوم الجمعة، ما طلعت شمس ولا غربت على يوم أفضل من يوم الجمعة، فيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يدعو الله فيها خيرًا إلا استجاب الله له، أو يستعيذ به من شر إلا أعاذه منه»، وهذا قول ابن عباس.
والأكثرون: أن الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم النحر.
وروي عن ابن عمر: الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم النحر.
قال سعيد بن المسيب: الشاهد يوم التروية، والمشهود يوم عرفة.
وروى يوسف بن مهران عن ابن عباس قال: الشاهد محمد صلى الله عليه وسلم والمشهود: يوم القيامة، ثم تلا {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا} [النساء- 41]، وقال: ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود. وقال عبد العزيز بن يحيى: الشاهد: محمد صلى الله عليه وسلم، والمشهود: الله عزّ وجلّ، بيانه: قوله: {وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا}.
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: الشاهد آدم، والمشهود يوم القيامة.
وقال عكرمة الشاهد الإنسان والمشهود يوم القيامة. وعنه أيضا: الشاهد الملك يشهد على ابن آدم، والمشهود يوم القيامة. وتلا {وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد} [ق- 21] و{وذلك يوم مشهود} [هود- 103] وقيل: الشاهد الحفظة والمشهود بنو آدم. وقال عطاء بن يسار: الشاهد آدم وذريته، والمشهود يوم القيامة.
وروى الوالبي عن ابن عباس: الشاهد هو الله عز وجل والمشهود يوم القيامة.
وقال الحسين بن الفضل: الشاهد هذه الأمة والمشهود سائر الأمم. بيانه: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس} [البقرة- 143].
وقال سالم بن عبد الله: سألت سعيد بن جبير عن قوله: {وشاهد ومشهود} فقال: الشاهد هو الله والمشهود: نحن، بيانه: {وكفى بالله شهيدا} [النساء- 79] وقيل: الشاهد أعضاء بني آدم، والمشهود ابن آدم، بيانه: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم} الآية [النور- 24] وقيل: الشاهد الأنبياء والمشهود محمد صلى الله عليه وسلم، بيانه: قوله: {وإذا أخذ الله ميثاق النبيين} إلى قوله: {فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين} [آل عمران- 81].